خالد الفرج صاحب الموقع
الجنس : عدد المساهمات : 113 نقاط : 342 تاريخ التسجيل : 28/08/2012
الأوسمة الأوسمة: (0/0)
| موضوع: " ملامح الشعر الفراتي" الأربعاء سبتمبر 05, 2012 3:59 pm | |
| ملامح الشعر الفراتي الفراتيون أبناء حضارة وثقافة وأدب وفن يمتد عمقها تسعة آلاف سنة قبل يومنا هذا تؤكد ذلك الآثار الحجرية وإن أشعارهم لتنم على عمق تجاربهم وغزارتها وغناها وتشي بشعر وجداني غاية في الرقة والنبالة لعبت الغربة والإحساس بالقهر السياسي والاجتماعي الدور الأساس في تضفير معانيه وصياغة رؤاه وفي تشكيل بنيته التحتية ونحت أقنعته وإعلاء ساريته ورفع مرساته ليبحر في أعماق حياتنا العربية واعداً ومبشراً بعطاء أخصب وآفاق أرحب يحدوه الحب والأمل والتطلع إلى الحق والخير والجمال إلا أن أدب الفراتيين بعامة والشعر بخاصة يفتقر إلى النقد الذي يسلط الضوء عليه ويجلو صفحته ويميز غثه من ثمنيه , حيث يعج وادي الفرات في محافظته الأولى دير الزور بحاضرتها وريفها بالشعراء حتى ليخيل إليك وأنت تستعرض هذا الكم الهائل من أهل القريض أن ساكني هذه البقعة من أرض بلاد الشام جميعاً يقرضون الشعر فلا غرابة إذا أن دعيت هذه المدينة قديماً (( دير الشعار )) ولعل أبرز ما يميز شعراء هذه القطعة الغالية من أرض سورية في معظمهم هو عمق الانتماء وشدة الالتصاق بأرضهم التي أحبوّها وأخلصوا لها المودة تعلقوا بترابها , وكلفوا بصحوها وعجاجها وعشقوا فراتها الذي ارتوت غللهم من نميره العذب الصافي , فلا يرضون عنه بماء سواه.. عشق أسطوري جعلهم يتماهون فيه , بل يتحدون , وهم في هذا لا يختلفون عن أي إنسان فراتي, فكل إنسان من أبناء الفرات سقى الأرض بعرقه وبدمه كما يفعل النهر العظيم إذ يسقيها بمائه إذا فما الفرق بين هذا الإنسان والفرات ؟ ولقد اجتمعت في أكنة الفراتيين نبال الشعر الحادّة التي راحوا يصوبونها باتجاه الأوجاع والأرزاء , والعيوب والمفاسد , التي أهمّت أمتهم وأوهنت ساعدها , ونالت من عزيمتها , وأقعدتها عن بلوغ الأرب , وإدراك الأمم المتقدمة في ركب الحضارة والمدنية , وعن تحقيق قوتها , وبناء دولتها , وتصليب قناتها , وبسط نفوذها على كامل ترابها , ولوت ذراعها حقباً من الزمن حتى تقهقرت وضعفت وتختلف , فدب ّ في أوصالها الفساد والخور وعاثّ فيها البوم والغربان ... الأمر الذي استدعى أن ينبري المخلصون البررة , الغيارى على كرامة هذه الأمة وشرفها , وعزة هذا الوطن , من ذوي العزائم الصلبة , والضمائر اليقظة . والأحاسيس المرهفة , والمشاعر النبيلة , والرؤى العاقلة , والمنابر العنيدة , فيجرّدوا اليراع حساماً ماضياً , ويمسحوا الغشاوة عن عيون السادرين والغافلين , ويكشفوا ويعرّوا الدواء , ويقودوا مسيرة الطامحين في دروب التحرير المعتمة , حاملين مشاعل النور , يطاردون فلول الظلام , حاثين الخطى إلى العزة والكرامة والرفعة والحضارة . ولست بصدد الإحصاء والتأريخ لشعراء الفرات الكثر ولكن لتعريف بتاريخ هذه الخامات المتميزة في حاضرة الفرات الوادي العظيم بنهره وشعبه وبالتالي فقط دراسة آثارهم . وإني لآمل أن يحظى أدب الفراتيين من أبناء هذه القطعة الغالية والمهمة من بلادنا نثره وشعره وأدبه العربي والشعبي بالاهتمام لعلّهم يميّزون غثّه من ثمنيه , ويضعون في المكانة التي تليق به في سفر تاريخ الأمة الأدبي والثقافي , ليكون بمتناول القارئ العربي أنّى كان كما أتمنى على الأدباء والشعراء والكتاب في شتى فنون وألوان الثقافية والأدب والفكر والسياسة من أبناء هذا الوادي أن يبادروا إلى طباعة ونشر آثارهم وإبداعاتهم ومؤلفاتهم , لا بل وموروث أباءهم وأجدادهم الأدبي والمعرفي , ليتسنى لكل عربي من المحيط إلى الخليج أن يطلع ويتعرف على أدبنا وموروثنا الحضاري ويفيد منه , إسهاماً مناً في تنشيط الحركة الثقافية على امتداد وطننا العربي الكبير , وتعزيز المثل والقيم التي ورثناها عن أصولنا , والتي تعمّقت وتجذّرت بفضل من حركتنا الفاعلة على هذه الأرض , وسعينا الحثيث للسمو والارتقاء إلى معالي الأمور ومكارم الأخلاق إيماناً منا بمقولة حافظ إبراهيم : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وبقدرة أمتنا على إدارة دفة مركبة التاريخ المبحرة بلا توقف نحو مرافئ الحق والخير والجمال والسلام الشاعر الفراتي خالدعبد الجبار الفرج | |
|